[size=32]من أروع ما فسر به قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي[/size]
[size=32]هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾[الإسراء: 9].[/size]
[size=32]للإمام محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-[/size]
[size=32]الحلقة الأولى:[/size]
[size=32]إن من أروع ما فسر به قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ الآية، بين التفاسير الموجودة في عالمنا، تفسير فضيلة الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-: وقد تميز هذا التفسير ببراعة الاستدلال وقوة البرهان، وطول النفس فيه، ودقة معانيه، التي كساها جمال التنسيق بين الأصالة والحداثة، والمتبصر لهذا التفسير يجد فيه من الفنون التي جمعت بين الكتاب والسنة ثم بين النحو والبلاغة و أسرار اللغة ثم بين أصول الفقه وقواعده ومقاصده ثم بين الماضي والحاضر بقلم أصيل ورؤية معاصرة وإدراك واسع للواقع وفهم دقيق لما يحاك على المسلمين، وقد عالج ونافح عن منهج السلف وأزال كل شبهة خسيس، وأبطل كل دعوة جاهلية بقيِّم الشريعة الغراء ومقاصدها العليا، ومع هذا كله قال رحمه الله: "وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، لو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم، لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة ؛ ولكنَّنا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيهاً ببعضه على كله من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفَّار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حِكَمها البالغة".[/size]
[size=32]ومن بين هذه الجمل الوافرة التي ذكرها-رحمه الله- مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم ما يلي:[/size]
[size=32]الحلقة الأولى تحتوي على:[/size]
[size=32]توحيد الله جلَّ وعلا: وقد عالج في هذا الجانب هدي القرآن في أقسام التوحيد الثلاثة:[/size]
[size=32]الأول: توحيده في ربوبيته.[/size]
[size=32]الثاني: توحيده جلَّ وعلا في عبادته.[/size]
[size=32]النوع الثالث: توحيده جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته.[/size]
[size=32]هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾[الإسراء: 9].[/size]
[size=32]للإمام محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-[/size]
[size=32]الحلقة الأولى:[/size]
[size=32]إن من أروع ما فسر به قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ الآية، بين التفاسير الموجودة في عالمنا، تفسير فضيلة الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-: وقد تميز هذا التفسير ببراعة الاستدلال وقوة البرهان، وطول النفس فيه، ودقة معانيه، التي كساها جمال التنسيق بين الأصالة والحداثة، والمتبصر لهذا التفسير يجد فيه من الفنون التي جمعت بين الكتاب والسنة ثم بين النحو والبلاغة و أسرار اللغة ثم بين أصول الفقه وقواعده ومقاصده ثم بين الماضي والحاضر بقلم أصيل ورؤية معاصرة وإدراك واسع للواقع وفهم دقيق لما يحاك على المسلمين، وقد عالج ونافح عن منهج السلف وأزال كل شبهة خسيس، وأبطل كل دعوة جاهلية بقيِّم الشريعة الغراء ومقاصدها العليا، ومع هذا كله قال رحمه الله: "وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، لو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم، لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة ؛ ولكنَّنا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيهاً ببعضه على كله من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفَّار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حِكَمها البالغة".[/size]
[size=32]ومن بين هذه الجمل الوافرة التي ذكرها-رحمه الله- مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم ما يلي:[/size]
[size=32]الحلقة الأولى تحتوي على:[/size]
[size=32]توحيد الله جلَّ وعلا: وقد عالج في هذا الجانب هدي القرآن في أقسام التوحيد الثلاثة:[/size]
[size=32]الأول: توحيده في ربوبيته.[/size]
[size=32]الثاني: توحيده جلَّ وعلا في عبادته.[/size]
[size=32]النوع الثالث: توحيده جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته.[/size]
[size=32]1. جعله الطلاق بيد الرجل: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]2. إباحته تعدّد الزوجات إلى أربع: وقد بين بعض الحكم والعلل في هدي القرآن إلى هذا الأمر، منها:أن المرأة الواحدة تحيض وتمرض ومنها:أن الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عدداً من النساء في أقطار الدنيا ومنها: أن الإناث كلهن مستعدّات للزواج، وكثير من الرجال لا قدرة لهم على القيام بلوازم الزواج لفقرهم، فالمستعدّون للزواج من الرجال أقل من المستعدّات له من النساء.[/size]
[size=32]3. تفضيله الذكر على الأنثى في الميراث: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]4. ملك الرقيق المعبر عنه في القرآن بملك اليمين في آيات كثيرة: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]5. القصاص: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]6. قطع يد السارق: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]الحلقة الثانية تحتوي على:[/size]
[size=32]2. إباحته تعدّد الزوجات إلى أربع: وقد بين بعض الحكم والعلل في هدي القرآن إلى هذا الأمر، منها:أن المرأة الواحدة تحيض وتمرض ومنها:أن الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عدداً من النساء في أقطار الدنيا ومنها: أن الإناث كلهن مستعدّات للزواج، وكثير من الرجال لا قدرة لهم على القيام بلوازم الزواج لفقرهم، فالمستعدّون للزواج من الرجال أقل من المستعدّات له من النساء.[/size]
[size=32]3. تفضيله الذكر على الأنثى في الميراث: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]4. ملك الرقيق المعبر عنه في القرآن بملك اليمين في آيات كثيرة: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]5. القصاص: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]6. قطع يد السارق: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]الحلقة الثانية تحتوي على:[/size]
[size=32]7. رجم الزاني المحصن ذكراً كان أو أنثى: وقد بين رحمه الله مما ظهر له الحكمة في ذلك.[/size]
[size=32]8. هدية إلى أن التقدم لا ينافي التمسك بالدين: وأزال رحمه الله بعض الشبه الواهية التي لا أساس لها من الصحة منها مقولة خبيثة وهي:" أن التقدم لا يمكن إلا بالانسلاخ من دين الإسلام" فقال رحمه الله هذا: " باطل لا أَساس له، والقرآن الكريم يدعو إلى التقدم في جميع الميادين التي لها أهمية في دنيا أو دين، ولكن ذلك التقدم في حدود الدين"[/size]
[size=32]9. بيانه أن كل من اتبع تشريعاً غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه [فهو خارج عن هديه][/size]
[size=32]10. هديه إلى أن الرابطة التي يجب أن يعتقد أنها هي التي تربط بين أفراد المجتمع، وأن ينادى بالارتباط بها دون غيرها إنما هي دين الإسلام: وأبطل الدعوة إلى القومية الجاهلية.[/size]
[size=32]بين رحمه الله أيضاً بعض المصالح العامة التي دعت إليها الشريعة وأوجزها وأرجعها إلى ثلاثة مصالح عامة.[/size]
[size=32]11. المصلحة الأولى: الضروريات التي هي درء المفاسد[/size]
[size=32]12. المصلحة الثانية: جَلْب المصالح.[/size]
[size=32]13. المصلحة الثالثة: الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات.[/size]
[size=32]14. هديه إلى حل المشاكل العالمية بأقوم الطرق وأعدلها: بين في هذا الركن هدي القرآن العظيم إلى حل ثلاث مشكلات يتخبط المسلمون فيهم بسبب بعدهم عن دينهم وهي:[/size]
[size=32]المشكلة الأولى: ضعف المسلمين في أقطار الدنيا في العدد والعدة عن مقاومة الكفار.[/size]
[size=32]المشكلة الثانية: تسليط الكفار على المؤمنين بالقتل والجراح وأنواع الإيذاء، مع أن المسلمين على الحق، والكفار على الباطل.[/size]
[size=32]المشكلة الثالثة: اختلاف القلوب الذي هو أعظم الأسباب في القضاء على كيان الأمة الإسلامية.[/size]
[size=32]قال محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-:قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ الآية.[/size]
[size=32]ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية، وأجمعها لجميع العلوم، وآخرها عهداً برب العالمين جلَّ وعلا: يهدي للتي هي أقوم، أي الطريق التي هي أسدّ وأعدل وأصوب. ف ﴿التي﴾ نعت لموصوف محذوف، على حدِّ قول ابن مالك في الخلاصة:[/size]
[size=32]8. هدية إلى أن التقدم لا ينافي التمسك بالدين: وأزال رحمه الله بعض الشبه الواهية التي لا أساس لها من الصحة منها مقولة خبيثة وهي:" أن التقدم لا يمكن إلا بالانسلاخ من دين الإسلام" فقال رحمه الله هذا: " باطل لا أَساس له، والقرآن الكريم يدعو إلى التقدم في جميع الميادين التي لها أهمية في دنيا أو دين، ولكن ذلك التقدم في حدود الدين"[/size]
[size=32]9. بيانه أن كل من اتبع تشريعاً غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه [فهو خارج عن هديه][/size]
[size=32]10. هديه إلى أن الرابطة التي يجب أن يعتقد أنها هي التي تربط بين أفراد المجتمع، وأن ينادى بالارتباط بها دون غيرها إنما هي دين الإسلام: وأبطل الدعوة إلى القومية الجاهلية.[/size]
[size=32]بين رحمه الله أيضاً بعض المصالح العامة التي دعت إليها الشريعة وأوجزها وأرجعها إلى ثلاثة مصالح عامة.[/size]
[size=32]11. المصلحة الأولى: الضروريات التي هي درء المفاسد[/size]
[size=32]12. المصلحة الثانية: جَلْب المصالح.[/size]
[size=32]13. المصلحة الثالثة: الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات.[/size]
[size=32]14. هديه إلى حل المشاكل العالمية بأقوم الطرق وأعدلها: بين في هذا الركن هدي القرآن العظيم إلى حل ثلاث مشكلات يتخبط المسلمون فيهم بسبب بعدهم عن دينهم وهي:[/size]
[size=32]المشكلة الأولى: ضعف المسلمين في أقطار الدنيا في العدد والعدة عن مقاومة الكفار.[/size]
[size=32]المشكلة الثانية: تسليط الكفار على المؤمنين بالقتل والجراح وأنواع الإيذاء، مع أن المسلمين على الحق، والكفار على الباطل.[/size]
[size=32]المشكلة الثالثة: اختلاف القلوب الذي هو أعظم الأسباب في القضاء على كيان الأمة الإسلامية.[/size]
[size=32]قال محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-:قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ الآية.[/size]
[size=32]ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية، وأجمعها لجميع العلوم، وآخرها عهداً برب العالمين جلَّ وعلا: يهدي للتي هي أقوم، أي الطريق التي هي أسدّ وأعدل وأصوب. ف ﴿التي﴾ نعت لموصوف محذوف، على حدِّ قول ابن مالك في الخلاصة:[/size]
[size=32]وما من المنعوت والنعت عقل يجوز حذفه وفي النعت يقل.[/size]
[size=32]وقال الزجاج والكلبي والفراء: للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله.[/size]
[size=32]وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، لو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم ؛ لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة ؛ ولكنَّنا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيهاً ببعضه على كلّه من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفَّار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة.[/size]
[size=32]فمن ذلك:[/size]
[size=32]وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، لو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم ؛ لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة ؛ ولكنَّنا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيهاً ببعضه على كلّه من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفَّار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة.[/size]
[size=32]فمن ذلك:[/size]
[size=32]1. توحيد الله جلَّ وعلا: فقد هدى القرآن فيه للطريق التي هي أقوم الطرق وأعدلها، وهي توحيده جلَّ وعلا في ربوبيته، وفي عبادته، وفي أسمائه وصفاته. وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:[/size]
[size=32]الأول: توحيده في ربوبيته.[/size]
[size=32]وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر العقلاء، قال تعال: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾[ الزخرف: 87/ الآية ]، وقال: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار وَمَن يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي وَمَن يُدَبِّرُ الأمر فَسَيَقُولُونَ الله فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾[ يونس: 31] وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين﴾[ الشعراء: 23] تجاهل من عارف أنه عبد مربوب، بدليل قوله تعالى: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هؤلاء إِلاَّ رَبُّ السماوات والأرض بَصَآئِرَ﴾[ الإسراء: 102 / الآية]، وقوله: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً﴾[ النمل: 14 ] وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله ؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ﴾[ يوسف: 106]، والآيات الدالة على ذلك كثيرة جداً.[/size]
[size=32]الثاني: توحيده جلَّ وعلا في عبادته.[/size]
[size=32]وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى « لا إله إلا الله » وهي متركبة من نفي وإثبات. فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت. ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جلَّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على سنة رسله عليهم الصلاة والسلام، وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم: ﴿ أَجَعَلَ الآلهة إلها وَاحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾[ ص: 5].[/size]
[size=32]ومن الآيات الدالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: ﴿فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إلا الله واستغفر لِذَنبِكَ﴾[ محمد: 19 ]، ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل: 36] وقوله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نوحي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فاعبدون﴾[ الأنبياء: 25]، وقوله: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾[ الزخرف: 45]، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَآ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾[ الأنبياء: 108]، فقد أمَر في هذه الآية الكريمة أن يقول: إِنما أوحي إليه محصور في هذا النوع من التوحيد ؛ لشمول كلمة « لا إله إلا الله » لجميع ما جاء في الكُتب ؛ لأنها تقتضي طاعة الله بعبادته وحده. فيشمل ذلك جميع العقائد والأوامر والنواهي، وما يتْبع ذلك من ثواب وعقاب، والآيات في هذا النوع من التوحيد كثيرة.[/size]
[size=32]النوع الثالث: توحيده جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته.[/size]
[size=32]وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:[/size]
[size=32]الأول: تنزيه الله جلَّ وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم. كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾[ الشورى: 11].[/size]
[size=32]والثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكماله وجلاله.﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السميع البصير﴾[ الشورى: 11]، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتّصاف،قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً﴾[ طه: 110]وقد قدمنا هذا المبحث مستوفى موضحاً بالآيات القرآنية « في سورة الأعراف ». كما قال بعد قوله:[/size]
[size=32]ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته جلَّ وعلا: على وجوب توحيده في عبادته ؛ ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير، فإذا أقرّوا بربوبيته احتجّ بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده، ووبَّخهم منكراً عليهم شركهم به غيره، مع اعترافهم بأنه هو الربّ وحده، لأن من اعترف بأنه هو الرب وحده لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبد وحده.[/size]
[size=32]ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار﴾ [ يونس: 31 ] إلى قوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ الله﴾[ يونس: 31] ؛ فلمَّا أقروا بربوبيته وبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره بقوله: ﴿ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾[ يونس: 31].[/size]
[size=32]ومنها قوله تعالى: ﴿ قُل لِّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ [ المؤمنون: 84-85 ] فلمَّا اعترفوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾[ المؤمنون: 85 ]، ثم قال: ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السماوات السبع وَرَبُّ العرش العظيم سَيَقُولُونَ لِلَّه﴾[ المؤمنون: 86-87 ]، فلما أقرُّوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾[ المؤمنون: 87]، ثم قال: ﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾[ المؤمنون: 88-89 ] فلمّا أقروا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ فأنى تُسْحَرُونَ﴾[ المؤمنون: 89 ].[/size]
[size=32]ومنها قوله تعالى: ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السماوات والأرض قُلِ الله﴾[ الرعد: 16 ]، فلمّا صحّ الاعتراف وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿قُلْ أفاتخذتم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً﴾[ الرعد: 16 ].[/size]
[size=32]ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾[ الزخرف: 87 ]، فلما صح إقرارهم وبخهم منكراً عليهمبقوله: ﴿ فأنى يُؤْفَكُونَ ﴾[ الزخرف: 87 ].[/size]
[size=32]ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله ﴾[ العنكبوت: 61 ] فلمّا صحّ اعترافهم وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: ﴿فأنى يُؤْفَكُون ﴾ [ الزخرف87، العنكبوت: 61 ] وقوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله﴾[ العنكبوت63 ] فلمّا صحّ إقرارهم وبخهم منكراً عليهم شِركهم بقوله: ﴿قُلِ الحمد لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾[ العنكبوت: 63 ]، وقوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله﴾[ لقمان: 25 ] فلمّا صحّ اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: ﴿ قُلِ الحمد لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[ لقمان: 25 ]، وقوله تعالى: ﴿ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ السمآء مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا﴾[ النمل: 59-60 ] ولا شكّ أن الجواب الذي لا جواب لهم البتّة غيره: هو أن القادر على خلق السَّماوات والأرض وما ذكر معها، خير من جماد لا يقدر على شيء. فلمّا تعين اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: ﴿ أإله مَّعَ الله بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾[ النمل: 60 ]، ثم قال تعالى: ﴿ أَمَّن جَعَلَ الأرض قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ البحرين حَاجِزاً﴾[النمل: 61 ] ولا شكّ أن الجواب الذي لا جواب غيره كما قبله، فلمّا تعين اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: ﴿ أإله مَّعَ الله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُون ﴾[ النمل: 61 ]، ثم قال جلَّ وعلا: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السواء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ الأرض ﴾[ النمل: 62 ] ولا شكّ أن الجواب كما قبله، فلما تعيّن إقرارهم بذلك وبخهم منكراً عليهم بقوله: ﴿ أإله مَّعَ الله قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾[ النمل: 62 ]، ثم قال تعالى: ﴿ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البر والبحر وَمَن يُرْسِلُ الرياح بُشْرًى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾[ النمل: 63 ]، ولا شكّ أن الجواب كما قبله. فلما تعيّن إقرارهم بذلك وبخهم منكراً عليهمبقوله: ﴿أإله مَّعَ الله تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[ النمل: 63]، ثم قال جلَّ وعلا: ﴿أَمَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض﴾[ النمل: 64]، ولا شكّ أن الجواب كما قبله ؛ فلما تعيّن الاعتراف وبخهم منكراً عليهم بقوله: ﴿ أإله مَّعَ الله قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[ النمل: 64 ]، وقوله: ﴿ الله الذي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ ﴾[ الروم: 40 ]، ولا شكّ أن الجواب الذي لا جواب لهم غيره هو: لا! أي: ليس من شركائنا من يقدر على أن يفعل شيئاً من ذلك المذكور من الخلق والرزق والإماتة والإحياء. فلمّا تعيّن اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: ﴿ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[ الروم: 40 ].[/size]
[size=32]والآيات بنحو هذا كثيرة جداً، ولأجل ذلك ذكرنا في غير هذا الموضع: أن كل الأسئلة المتعلَّقة بتوحيد الربوبية استفهامات تقرير، يراد منها أنهم إذا أقرّوا رتب لهم التوبيخ والإنكار على ذلك الإقرار ؛ لأن المقرّ بالربوبية يلزمه الإقرار بالألوهية ضرورة ؛ نحو قوله تعالى: ﴿أَفِي الله شَكٌّ﴾[ إبراهيم: 10 ]، وقوله: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً﴾[ الأنعام: 164 ] وإن زعم بعض العلماء أن هذا استفهام إنكار ؛ لأن استقراء القرآن دلّ على أن الاستفهام المتعلَّق بالربوبية استفهام تقرير وليس استفهام إنكار، لأنهم لا ينكرون الربوبية، كما رأيت كثرة الآيات الدالّة عليه.[/size]
[size=32]والكلام على أقسام التوحيد ستجده إن شاء الله في مواضع كثيرة مِن هذا الكتاب المبارك، بحسب المناسبات في الآيات التي نتكلم على بيانها بآيات [/size]