منتدى برامج نت المجانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى برامج نت المجانيةدخول

description مسائل في التكفير Empty مسائل في التكفير

more_horiz
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد : فهذه سلسلة جديدة من الدروس المفيدة للعلامة المربي فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله وغفر له تكلم فيها حول التكفير وما يتصل به وأجاب فيها عن بعض أسئلة الطلاب ، خاصة وان هذه القضية زاد لهيبها بين أمة الإسلام هذا الزمان واستعملت فيه عبارات براقة ولكن حقيقتها مقززة محرقة مفرقة .

وأصل هذه المادة في الشريط رقم 26 من شرح الطحاوية قام بتفريغها أحد الإخوة جزاه الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة .


قال الشيخ حفظه الله وغفر له :

" السؤال : مسألة وهي: أن كل من انتسب إلى القبلة من أهل الأهواء والبدع وغيرهم ينتسبون إلى الإسلام، ومن قال إن المجتمعات مجتمعات جاهلية فكيف يكون الإيضاح على هذا الأمر؟


الجواب : الأول ذكرناه وقررناه لكم فيما سبق أن من كان منتسبا إلى القبلة بالصلاة إليها من أهل التوحيد فهو من أهل القبلة، وإذا عرض له هوى أو بدعة فإن البدعة درجات والأهواء أيضا درجات، فلا نخرجه من الإسلام لبدعة فيه يعني لمجرد بدعة فيه أو بكل بدعة فيه، ولا نخرجه من الإسلام لمجرد الهوى الذي يكون في هذه الأمة؛ بل لابد أن يكون الهوى مؤثرا أو أن تكون البدعة مغلظة مكفرة.
أما من قال مجتمعات المسلمين اليوم مجتمعات جاهلية، فهذا باطل؛ لأن الجاهلية في النصوص هي اسم لفترة زمنية مضت قال جل وعلا (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) وقال سبحانه : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50]، وهذه الجاهلية تكون في العقيدة في العبادة تكون في الأحوال الاجتماعية وتكون في الأخلاق تكون في الآداب، فهي من جهة الزمان انقضت زمانها ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، وأما من جهة المكان فإن الجاهلية اسم يتبع صفة الجهل، والجهل يتنوع، والجهل العام ارتفع ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، لهذا قال عليه الصلاة والسلام «لا تزال طائفة من أمتي على الحق» ووجود هذه الطائفة على الحق حتى قيام الساعة يمنع رجوع الجهل العام ورجوع الجاهلية العامة.
فإذن الجاهلية العامة في الأمكنة ذهبت، وجاهلية الزمان ذهبت، بقي نوع آخر من الجاهلية وهو جاهلية الصفات، فمن أشبه أهل الجاهلية في صفة فهو مشارك لهم في هذه الصفة، كما قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر لما عيّر رجلا أسودا بأمه فقال له: يا ابن السوداء. قال له عليه الصلاة والسلام «إنك امرؤ فيك جاهلية» يعني فيك خصلة من خصال أهل الجاهلية، وخصال الجاهلية متنوعة كثيرة دل عليها القرآن والسنة يعني فيما خالف فيه رسول الله أهل الجاهلية، (وألّف في هذا إمام هذه الدعوة الكتاب المشهور مسائل أهل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية)، وتلك المسائل منها ما هو مكفّر كعبادة غير الله، منها ما هو في الاعتقادات، منها ما هو في المسائل العملية، ومنها ما هو في الاجتماعيات، ومنها ما هو في الأقوال إلى آخره، فالجاهلية جاهلية الصفات هذه باقية، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «تسلكُنَّ مسلك الأمم من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع» قالوا: يا رسول الله فارس والروم؟ قال «فمن الناس إلا أولئك»، فارس والروم خصالهم من خصال الجاهلية؛ بل خصالهم خصال جاهلية في الاعتقاد وفي الأقوال وفي الأعمال، فدل على أن خصال الجاهلية تكون في هذه الأمم.
فإذن وصف الأرض أنها صارت إلى جاهلية هذا باطل، ومناقض لحكم النبي ؛ بل وحكم الله جل جلاله في قوله "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا"[الفتح:28]، فظهر دين محمد عليه الصلاة والسلام على كل دين وظهرت ملته على كل ملة وظهر هديه على كل هدي.
والحمد لله على ذلك كما قال جل جلاله "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"[الشرح:4]، فرفع ذكر محمد عليه الصلاة والسلام فوق ذكر غيره، فصار هو المقدم عليه الصلاة والسلام في الاتباع وفي الهدي في أكثر الأرض ولله الحمد.
كذلك جاهلية الزمان لا يوجد زمان يكون الزمان زمان جاهلية؛ لأن زمن الجاهلية انتهى ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، فلا يقال مثلا هذا القرن قرن جاهلي، أهل هذا القرن في جاهلية ونحو ذلك؛ بل لا تزال في أمة محمد عليه الصلاة والسلام صنوف الخير ولله الحمد على منته وتوفيقه... " انتهى
نتابع كلام الشيخ حفظه الله وغفر له
و في شرحه لقول العلامة الطحاوي رحمه الله وغفر له:( ولا نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ ، وَلا نَقُولُ: لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذَنْبٌ لمنْ عَمِلَه) قال :

" ... الحمد لله، وبعد:
هذه الجملة من كلام العلامة الطحاوي رحمه الله من الأصول العظيمة في معتقد أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفِّرون أحدا من أهل القبلة بمجرد حصول الذنب منه إلا إذا استحله باعتقاد ؛ كونه حلالا له أو حلالا مطلقا، وكذلك أنهم لا يخففون أمر الذنوب بحيث يجعلون الذنب غير مؤثر في الإيمان، لهذا قال تقريرا لهذا الأصل العظيم (ولا نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ ، وَلا نَقُولُ: لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذَنْبٌ لمنْ عَمِلَه) ، وهذه الجملة من كلامه أراد بها أن حصول الذنب من أهل القبلة لا يعني تكفيره كما ذهبت إلى ذلك الخوارج، وحصول الذنب من أهل القبلة لا يعني أنّ هذا المؤمن لم يتأثر بحصول الذنب منه كما تقوله المرجئة، فخالف في هذا القول الخوارج والمعتزلة وخالف أيضا المرجئة.
وهذه المسألة لاشك أنها من المسائل العظيمة جدا وهي مسألة التكفير : تكفير المنتسب إلى القبلة الذي ثبت إسلامه وإيمانه، إذا حصل منه ذنب فإن قاعدة أهل السنة والجماعة أن من دخل في الإسلام والإيمان بيقين لم يخرجه منه مجرد ذنب حصل منه، ولا يخرجه منه كل ذنب حرّمه الشارع؛ بل لابد في الذنوب العملية من الاستحلال بأن يعتقد أن هذا العمل منه حلال له وليس بذنب وأنه ليس بمحرم، وهذا هو طريقة أهل السنة والجماعة بأنهم لا يكفرون؛ بل يخطئون أو يضللون أو يفسقون، فنقول مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، مسلم بما معه من التوحيد؛ ولكنه فاسق لما ارتكب من الكبيرة التي أظهرها ولم يتب منها. فهذه الجملة فيها تقرير لعقيدة أهل السنة ومخالفتهم للخوارج والمعتزلة وكذلك فيها مخالفة أهل السنة للمرجئة.
إذا تبين هذا فتحت هذه الجملة مسائل:
المسألة الأولى: في الدليل؛ دليل أهل السنة والجماعة على أن من أصاب ذنبا من أهل القبلة فإنه لا يُكَفَّر دل على ذلك جملة أدلة من الكتاب والسنة:
منها قول الله جل وعلا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى"[البقرة:178]، ومعلوم أن القاتل داخل في هذا الخطاب في النداء بالإيمان، وقال جل وعلا بعدها "فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ" [البقرة:178]، فسماه أخا له فدل على أن حصول القتل على عظمه لم ينف اسم الإيمان.
وكذلك قوله جل وعلا " وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(9)إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ" [الحجرات:9-10]، فسماهم مؤمنين وسماهم إخوة أيضا ، فوصفهم بالأخوة فدل على أن وقوع القتل منهم لم ينفِ اسم الإيمان، مع قوله جل وعلا "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ"[النساء:93]، فأثبت له جهنم وعيدا، وغضب الله جل وعلا عليه واللعنة، ومع ذلك لم ينف عنه اسم الإيمان، فدل على أن وقوع الكبيرة من المسلم لا يسلب عنه الإيمان، ووقوع الذنب ليس مبيحا لإخراج هذا المذنب من أصل الإسلام إلى الكفر.
ويدل على ذلك أيضا قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري وغيره حينما أوتي برجل من الصحابة يقال له حمار شرب الخمر فجلده، ثم شربها ثانية فأوتي به فجلده، ثم لما أوتي به الثالثة قال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال نبينا عليه الصلاة والسلام «لا تقولوا ذلك فإنه يحبّ الله ورسوله» فدل على أن وجود المحبة الواجبة لله جل وعلا ولرسوله ( مع حصول الكبيرة ) مانع من لعْنه، وهذا يعني أنها مانع من تكفيره ومن إخراجه من الدين من باب الأولى.
كذلك قال الله جل وعلا " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ"[الممتحنة:1]، فناداهم باسم الإيمان مع حصول الذنب منهم وهو الإلقاء بالمودة إلى عدو الله جل وعلا وعدو رسوله فدل على أن إلقاء المودة لأمر الدنيا ليس مخرجا من اسم الإيمان؛ بل يجتمع معه قال تعالى في آخر الآية "وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ"[الممتحنة:1].
وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة في إسراره للكفار بخبر رسول الله ما يدل على وقوع الذنب منه وعلى مغفرة الذنب له لأنه من أهل بدر، قال عليه الصلاة والسلام في حقه «لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم» ، في الرواية الثانية «إن الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».

والأدلة على هذا الأصل عند أهل السنة والجماعة كثيرة... " انتهى

description مسائل في التكفير Emptyرد: مسائل في التكفير

more_horiz
نتابع كلام الشيخ حفظه الله وغفر له :

" .... ومما يدل عليه من جهة النظر: أن الكبائر كالسرقة والزنا وشرب الخمر والقتل ونحو ذلك شُرعت لها الحدود، كذلك القذف شرعت لها الحدود والحدود مطهرة، والمرتد يقتل على كل حال، ووجود الحدود هذه دليل ظاهر على أنه ارتكب فعلا لم يخرجه من الملة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من بدل دينه فاقتلوه»، وقال «والتارك لدينه المفارق للجماعة» يعني ممن يحل دمه، فدل على أن وقوع هذه الذنوب من العبد تطهر بهذه الحدود وليست كفرا؛ لأنها لو كانت كفرا لكان يقتل ردة لقوله «من بدل دينه فاقتلوه».
ويدل عليه أيضا أن ولي الدم في القتل يعفو، فإذا عفا له السلطان إن شاء عفا وإن شاء أخذ، قال جل وعلا "وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا"[الإسراء:33]، قال "فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا" وهذا يدل على أن الحق هنا للمخلوق، وأما الردة فهي حق لله يعني أما الردة فجزاؤها حق لله جل وعلا ليس لولي المقتول.
فدلت هذه الأدلة ودل غيرها : على بطلان قول الخوارج ،وعلى ظهور قول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة ؛في أن صاحب الذنب من الكبائر العملية التي ذكرنا بعضا منها، أنه لا يخرج من الإسلام بحصول الذنب منه؛ يعني بحصول ذنب منه أو بحصول كل ذنب أو أي ذنب منه؛ يعني ليس كل ذنب مخرجا له من ذلك؛ بل الكبائر العملية ليست كذلك يعني مخرجة له من الإسلام خلافا لقول الخوارج والمعتزلة في التخليد في النار... " انتهى
وأما الجملة الثانية وهي قوله (وَلا نَقُولُ: لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذَنْبٌ لمنْ عَمِلَه) فهذه أيضا فيها مخالفة للمرجئة الذين يقولون: لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ كما لا ينفع مع الكفر طاعة. والأدلة دلت على أن الذنوب تؤثر في الإيمان قال جل وعلا في ذكر القاتل"وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا"[النساء:93]، وقال جل وعلا في الربا "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ"[البقرة:275]، وقال جل وعلا في المرابين "فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ"[البقرة:279]، وشرع الله جل وعلا الحد في السرقة "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا"[المائدة:38]، وشرع الجلد في القذف وفي الزنا إلى آخر ذلك، وهذا يدل على أن هذه الأمور أثرت في الإيمان هذه الكبائر أثرت في الإيمان، والأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب كثيرة «لا يدخل الجنة قتاد»، «لا يدخل الجنة قاطع رحم» وهذا تأثير في الإيمان بسبب هذه الكبيرة.
المسألة الثانية: هذه الجملة اشتملت على معتقد فيه النهي عن التكفير، والتكفير تكفير أهل القبلة بأي ذنب حرام، والخوض في مسائل التكفير بلا علم أيضا حرام، وقد يكون من كبائر الذنوب؛ بل هو من كبائر الذنوب وذلك لأوجه:
1- الأول: أن الإسلام والإيمان ثبت في حق الشخص -في حق المعين- بدليل شرعي، فدخل في الإسلام بدليل، فإخراجه منه بغير حجة من الله - عز وجل - أو من رسوله صلى الله عليه وسلم هذا من القول على الله بلا علم ومن التعدي -من تعدي حدود الله-، ومن التقدم بين يدي الله - عز وجل - وبين يدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا فيه التحذير من هذا الأمر الجلل وهو مخالفة ما ثبت بدليل إلى الهوى أو إلى غير دليل.
لهذا يقول العلماء: من ثبت إيمانه بدليل أو بيقين لم يزل عنه اسم الإيمان بمجرد شبهة عرضت أو تأويل تأوله؛ بل بد من حجة بينة لإخراجه من الإيمان، كما يقول ابن تيمية ولابد من إقامة حجة تقطع عنه المعذرة.
2- الثاني: من الأوجه في خطر التكفير وما تضمنته هذه الكلمة من معتقد أهل السنة والجماعة: أن التكفير خاض فيه الخوارج وهم أول الفئات التي خاضت في هذا الأمر، والصحابة رضوان الله عليهم أنكروا عليهم أبلغ الإنكار بل عدوهم رأس أهل الأهواء.
وأول مسألة خاض فيها الخوارج وسببت التوسع في التكفير هي مسألة الحكم بغير ما أنزل الله؛ حيث احتجوا على علي رضي الله عنه -وكانوا من جيش علي- بأنه حكم الرجال على كتاب الله، لما حصلت واقعة التحكيم بين أبي موسى الأشعري وبين عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
فقالوا: حكم الرجال على كتاب الله فهو كافر، فكفروا عليا رضي الله عنه، استدلالا بقوله - عز وجل – (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)[المائدة44].
فذهب إليهم ابن عباس يناظرهم حتى احتج عليهم بقول الله - عز وجل – (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)[النساء:35] الآية، فرجع ثلث الجيش وبقي طائفة منهم على ضلالهم وظهرت فرق كثيرة من الخوارج.
فيدلك على قبح الخوض في هذه المسألة بلا علم أنها شعار أهل الأهواء؛ أعني الخوارج وهم أول فرقة خرجت في هذه الأمة وخالفت الجماعة، ولا شك أن التزام نهج أتقى أهل الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتعين.
3- الثالث: من أوجه بيان خطر التكفير والخوض فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» يعني إن كان كافرا فهو كما ادعي عليه وإلا عادت إلى الآخر، وهذا وعيد شديد.

- وقد يكون التكفير مبعثه الهوى.
- وقد يكون مبعثه الجهل.
- وقد يكون مبعثه الغيرة.

فهذه ثلاثة أسباب لمنشإ التكفير: قد يكون الهوى -يعني التكفير بلا علم-، وقد يكون منشؤه الجهل، وقد يكون منشؤه الغيرة.
أما الأول والثاني فواضح -يعني الهوى والجهل-وأمثلة أهل الأهواء فيه كثيرة.
وأما الثالث وهو أن التكفير قد يحمل المرء عليه الغيرة على الدين قصة عمر رضي الله عنه مع حاطب ابن أبي بلتعة حيث لما حصل من حاطب ما حصل، قال عمر لنبينا صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق.
والحكم عليه بالنفاق حكم عليه بإبطانه للكفر، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ عمر رضي الله عنه بذلك لأنه من أهل بدر ولأنه قالها على جهة الغيرة وخطؤه مغفور له؛ لأنه من أهل الجنة؛ يعني لسبق كونه من أهل بدر.
فدل هذا على أن الغيرة ليست حجة شرعية في التوسع أو في ابتداء القول في هذه المسائل بلا علم أو في التكلم فيها.
الغيرة ليست عذرا، لهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما عذر عمر بالغيرة، وإنما عذر عمر رضي الله عنه:
1- لاشتباه المقام أولا في حق حاطب.
2- ثم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما بين عذره -يعني ما بين الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم عذره-
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ عمر بتلابيب حاطب، قال «أرسله يا عمر -أو دعه يا عمر-، يا حاطب: ما حملك على هذا؟» فلما استفصل منه رجع الأمر إلى الوضوح فيه.

description مسائل في التكفير Emptyرد: مسائل في التكفير

more_horiz
نتابع كلام العلّامة الرّبّاني حفظه الله وغفر له :

" المسألة الثالثة:

افترقت هذه الأمة في هذه المسألة العظيمة وهي مسألة التكفير إلى ثلاث طوائف.
طائفتان ضلتا، وطائفة هي الوسط وهي التي على سبيل الجماعة، وهذه الطوائف الثلاث هي:

1- الطائفة الأولى:


من كفر بكل ذنب، وجعل الكبيرة مكفرة وموجبة للخلود في النار، وهؤلاء هم الخوارج والمعتزلة وطوائف من المتقدمين ومن أهل العصر أيضا ممن يشركهم في هذا الأصل والعياذ بالله.

2- الطائفة الثانية:

من قالت: إن المؤمن لا يمكن أن يخرج من الإيمان إلا بانتزاع التصديق القلبي منه وحصول التكذيب، وهؤلاء هم المرجئة وهم درجات وطوائف أيضا.
وهذا مبني على أصلهم في أن الإيمان هو تصديق القلب فلا ينتفي الإيمان عندهم إلا بزوال ذلك التصديق.
وهذا أيضا غلط؛ لأدلة ربما تأتي إن شاء الله تعالى.

3- الطائفة الثالثة:

وهم الوسط الذين نهجوا ما دلت عليه الأدلة، وأخذوا طريقة الأئمة التي اقتفوا فيها هدي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، فقالوا:
إن الملي والواحد من أهل القبلة قد يخرج من الدين بتبديله في الدين ومفارقته للجماعة بقول أو عمل أو اعتقاد أو شك.
وهذا هو الذي أورده الأئمة في باب حكم المرتد، وقالوا:
إن هذا يدخل في تبديل الدين الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم «من بدل دينه فاقتلوه»، ويدخل في قول الله - عز وجل - «من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه»[المائدة:54] ،آية البقرة ونحو ذلك، فدل ذلك على أن المؤمن المسلم قد يحصل منه ردة.
وهذه الردة لها شروطها ولها موانعها بتفصيل لهم في كتب الفقه في باب حكم المرتد.


فعند أهل السنة والجماعة:

-لا يتساهل في أمر التكفير بل يحذر منه ويخوف منه.

-وأيضا لا يمنعون تكفير المعين مطلقا؛ بل من أتى بقول كفري يخرجه من الملة أو فعل كفري يخرجه من الملة أو اعتقاد كفري يخرجه من الملة أو شك وارتياب يخرجه من الملة، فإنه بعد اجتماع الشروط وانتفاء الموانع يحكم عليه العالم أو القاضي بما يجب من الردة ومن القتل بعد الاستتابة في أغلب الأحوال. " انتهى
" ... المسألة الرابعة:

دل القرآن والسنة على أن الناس ثلاثة أصناف لا رابع لهم، وهم: المؤمنون، الكفار، المنافقون.
- والمؤمن المسلم هو من دخل في الإسلام وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأتى بلوازم ذلك.
- والكافر الأصلي قد يكون كتابيا وقد يكون مشركا وثنيا، كأهل الكتاب مثل اليهود والنصارى، وقد يكون وثنيا مثل المجوس وعبدة الكواكب والأوثان ومشركي العرب وأشباه ذلك.
- والمنافق هو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام، فيحكم بإسلامه ظاهرا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين، حتى إنه باعتبار الحكم الظاهر ورثهم وورث الصحابة من آبائهم المنافقين، وهم في الباطن كفار أشد من اليهود والنصارى لقوله "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار"- النساء:145-.
فمن حصل منه ذنب ووقع في ذنب من الذنوب فإنه لا يخلو:
- إما أن يكون من أهل الإيمان.
- وإما أن يكون من أهل الكفر.
- وإما أن يكون ممن أظهر الإسلام وأبطن الكفر.
فمن كان من أهل الإيمان: فإنه ليس كل ذنب يخرجه من الإيمان، فلما شهد شهادة الحق بيقين وظهور فإنه لا يخرجه منها إلا يقين مماثل لذلك مع إقامة الحجة ودرء الشبهة.
وهذا التفصيل تنتفع به في مسائل تدل على هذا أو ذاك؛ يعني على أحد الأقسام... " انتهى

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد