تعريف عروض التجارة
يقصد بعروض التجارة جميع الأموال التي اشتريت بنية المتاجرة بها, سواء بالاستيراد الخارجي أم الشراء من السوق المحلية, وسواء كانت عقارًا أم مواد غذائية أم زراعية أم مواشي أم غيرها, وقد تكون بضائع في محل تجاري لفرد أو لمجموعة من الأفراد, وهذه الأموال يطلق عليها عروض التجارة
الفرق بين عروض القُنْيَة وعروض التجارة
يُقصد بعروض القنية تلك العروض المعدة للاقتناء والاستعمال الشخصي, لا للبيع والتجارة, وتعرف في المحاسبة بالأصول الثابتة, وهي التي ينوي التاجر أو الصانع أو غيرهم عند شرائها الاحتفاظ بها لأنها أدوات إنتاج, مثل الآلات والمباني, والسيارات, والمعدات, والأراضي التي ليس الغرض منها بيعها والمتاجرة بها, وكذلك الأواني, والخزائن, والرفوف التي تعرض فيها البضاعة, وكذلك المكاتب والأثاث الخ, فجميع هذه الموجودات الثابتة لا زكاة عليها, ولا تدخل في وعاء الزكاة
وأما عروض التجارة, وهي العروض المعدة للبيع, وتعرف في المحاسبة بالأصول أو الموجودات المتداولة, وهي التي ينوي التاجر أو الصانع عند شرائها المتاجرة بها, مثل: البضائع, والسلع, والآلات, والسيارات, والأراضي التي تُشترى بنية المتاجرة بها, فإنها تجب فيها الزكاة إذا ما استوفت شروط وجوب الزكاة
شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة
يشترط لوجوب زكاة مال التجارة ما يشترط في المال النقدي من الشروط بالإضافة إلى أمرين اثنين لا بد من اعتبارهما في المال ليصبح من مال التجارة الذي تجب زكاته, وهذان الأمران هما العمل والنية:
1- العمل بأن تملك العروض بمعاوضة:
وذلك عن طريق الشراء بنقد أو عرض آخر (مقايضة) أو بدين حالّ أو مؤجل, ومثله ما لو حصلت المرأة على السلعة بقبولها مهرا أو عوض خلع
أما لو ملك العرض بإرث أو هبة أو استرداد بعيب أو باستغلال الأرض المملوكة له بالزراعة فلا يزكى زكاة عروض التجارة ويخضع لزكاة المال المستفاد, وذلك لعدم حصول التملك ببذل عوض
2- النية بأن يقصد عند تملك العروض التجارة بها:
والتجارة هي بيع ما اشتراه لتحصيل الربح, والنية المعتبرة هي المقارنة لدخول عرض التجارة في الملك, فإذا اشترى فرد سيارة مثلًا ناويًا أنها للقنية أي للاستعمال الشخصي, وفي نيته إن وجد ربحا باعها, فلا تُعدّ من مال التجارة الذي تجب فيه الزكاة, بخلاف ما لو اشترى مجموعة من السيارات بنية التجارة والربح واستعمل واحدة منها, فتعدّ من أموال التجارة التي تجب فيه الزكاة, إذ العبرة بنية الأصل - النية الغالبة عند الشراء - فما كان الأصل فيه هو الاقتناء والاستعمال الشخصي لا يُعدّ من التجارة بمجرد رغبته في البيع إذا وجد الربح المناسب. وما كان الأصل فيه التجارة والبيع لا يخرجه من مال التجارة الاستعمال الشخصي الطارئ عليه
ثم إنه إذا اشترى عرضًا معينًا بنية المتاجرة فيه ثم قَبْلَ أن يبيعه - غيّر نيته فيه إلى الاستعمال الشخصي فتكفي النية هنا لإخراجه من مال التجارة إلى المقتنيات الشخصية فلا تجب فيه زكاة, وكذلك إن اشترى عرضًا للقنية ثم غيَّر نيته إلى البيع فلا يكون فيه زكاة
كذلك يدخل في نطاق زكاة عروض التجارة الأنشطة التالية:أ - عمليات الشراء والبيع لغرض الكسب, وتشمل المشروعات التجارية, سواء أكانت في شكل منشآت فردية أم شركات مضاربة أم شركات أشخاص أو شركات مساهمة أم غير ذلك
ب - عمليات الوساطة بين التجار, مثل الدلالين والجلّابين (الذين يُسوِّقون البضائع بعمولة)
ج - أعمال الصيارفة والاستثمار على اختلاف أنواعها
كيف تُزكى الثروة التجارية؟
إذا حلّ موعد الزكاة ينبغي للتاجر المسلم - أو الشركة التجارية - أن يَقُوم بجرد موجوداته التجارية مثل البضاعة الموجودة ويضمها إلى ما لديه من نقود - سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها - ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد, ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو جهات أخرى, ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر (2.5% راجع شرط حولان الحول من شروط وجوب الزكاة
وقد عبر عن ذلك ميمون بن مهران فيما رواه الإمام أبو عبيد عنه بقوله: (إذا حلّت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض فقوّمه قيمة النقد, وما كان من دين في ملاءة فاحسبه, ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين ثم زكّ ما بقي)
بأيّ سعر يُقَوّم التاجر موجوداته التجارية عند إخراج الزكاة؟
يُقَوّمُ التاجر ثروته التجارية بسعر السوق الحالي, سواء كان سعر السوق الحالي منخفضًا عن سعر الشراء أو مرتفعًا, فالعبرة بسعر السوق الحالي والمراد بسعر السوق سعر بيعها وقت وجوب الزكاة ولا يطبق هنا المبدأ المحاسبي التقليدي في الأخذ بالتكلفة أو سعر السوق أيهما أقل, لأن ذلك في المشاركات, وهي حقوق للشركاء لهم أن يختاروا في المحاسبة استقصاء الربح لتوزيعه أو إبقاء قسم منه من خلال اختيار الأقل من التكلفة أو القيمة السوقية, أما في الزكاة فهي حق لغير المزكي وهم المستحقون من المصارف الثمانية فيجب التأكد من إخراج هذا الحق المعلوم باعتبار القيمة السوقية التي تمثل التكلفة والربح الكامن غالبًا
وإذا هبطت القيمة السوقية عن التكلفة فإن اعتبارها يدفع الضرر عن المزكي ويكون تقويم عروض التجارة بسعر الجملة سواء بيعت جملة أم تجزئة (قطاعي), وهذا الرأي هو ما أَخذ به مجمع الفقه في مكة
إخراج الزكاة من عين البضاعة أو قيمتها
الأصل أن تخرج زكاة عروض التجارة نقدًا بحسب قيمة العروض يوم وجوب الزكاة كما تقدم, وليس من أعيان البضائع نفسها, وذلك لما في الرواية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لحماس: (أدّ زكاة مالك, قال: ما لي إلا جِعاب أَدم, قال: قومها ثم أدّ زكاتها), لأن ذلك أصلح للفقير حيث يسد بها حاجاته مهما تنوعت
ويجوز إخراج الزكاة من أعيان البضائع تسهيلًا وتيسيرًا على الناس إذا كان ذلك يدفع الحرج عن المزكي في حالة الكساد وقلة النقد لدى التاجر ويحقق مصلحة الفقير في أخذ الزكاة أعيانا يمكنه الانتفاع بها