بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فرؤية الكفار ربهم يوم القيامة اختلف الناس فيها على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الكفار لا يرون ربهم بحال لا المظهر للكفر ولا المسر له وهو قول أكثر العلماء المتأخرين، وعليه يدل عموم كلام المتقدمين هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ {المطففين:15}، وقوله تعالى: وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً {الإسراء:72}، وقوله تعالى: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}، وأن الرؤية من أعظم كرامات أهل الجنة وبشارة لهم فلو شاركهم الكفار في ذلك بطلت البشارة.
والمذهب الثاني: أنه يراه من أظهر التوحيد من مؤمني هذه الأمة ومنافقيها وغبرات من أهل الكتاب وذلك في عرصة القيامة ثم يحتجب عن المنافقين وهو قول أبي بكر بن خزيمة من أئمة السنة واحتجوا بحديث أبي هريرة في الصحيحين واللفظ لمسلم: أن الناس قالوا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل فإذا جاء ربنا عز وجل عرفناه، فيأتيهم في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيدعوهم فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوة الرسل يومئذ اللهم سلم سلم.
وفي رواية في الصحيحين من حديث أبي سعيد: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق ولا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد لله اتقاء أو رياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه.
المذهب الثالث: أن الكفار يرونه رؤية تعريف وتعذيب ثم يحتجب عنهم ليعظم عذابهم ويشتد عقابهم وهو قول أبي الحسن بن سالم وأبي سهل بن عبد الله التستري.
والراجح هو القول الأول وهو المأثور عن السلف المتقدمين، قال ابن تيمية في الفتاوى: روى ابن بطة بإسناده عن أشهب قال: قال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ فقال مالك: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعير الله الكفار بالحجاب، قال الله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ). وعن المزني قال: سمعت ابن أبي هرم يقول: قال الشافعي في كتاب الله (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته، وعن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد يقول: قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) فلا يكون حجاباً إلا لرؤية فأخبر الله أن من شاء ومن أراد فإنه يراه والكفار لا يرونه، ومثل هذا الكلام كثير عن غير واحد من السلف.
قال القاضي أبو يعلى وغيره: كانت الأمة في رؤية الله بالأبصار على قولين: منهم المحيل للرؤية وهم المعتزلة، والفريق الآخر أهل الحق والسلف من هذه الأمة متفقون على أن المؤمنين يرون الله في المعاد وأن الكافرين لا يرونه فثبت بهذا إجماع الأمة - ممن يقول بجواز الرؤية وممن ينكرها - على منع رؤية الكفار لله وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود. انتهى وبتصرف.
والله أعلم.
الشبكة الاسلامية
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
قول أهل السنة والجماعة، وهو إجماع الصحابة - رضي الله عنهم- وإجماع أهل السنة بعدهم أن الله – سبحانه- يُرى يوم القيامة ، يراه المؤمنون ويرونه في الجنة أيضاً، أجمع أهل العلم على هذا ، أجمع علماء الصحابة والمسلمون الذين هم أهل السنة والجماعة على هذا، وقد دل عليه القرآن العظيم ، والسنة المطهرة الصحيحة، يقول الله - عز وجل- : وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة. ناضرة يعني بهية جميلة، إلى ربها ناظرة تنظر إلى وجهه الكريم - سبحانه وتعالى-. وقال - عز وجل- : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة صح عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام- أنه قال : الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله. وقال الله: كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون. فإذا حجب الكفار علم أن المؤمنين غير محجوبين بل يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، وقد توارت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، يقول - صلى الله عليه وسلم- : (إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تمارون في رؤيته). وفي لفظ: (لا تضارون في رؤيته) . وفي اللفظ الآخر: (كما تطلع الشمس صحوا ليس دونها سحاب). فالكلام بين واضح ، بين عليه الصلاة والسلام أن المؤمنين يُرون ربهم رؤيةً ظاهرة جلية كما ترى الشمس صحوا ليس دونها سحاب ، وكما يُرى القمر ليلة البدر ليس هناك سحاب ، وهل بعد هذا البيان بيان؟ ما أوضح هذا البيان وما أبينه وما أكمله؟ وأخبر - صلى الله عليه وسلم- أنهم يرونه في الجنة أيضاً. فمن أنكر الرؤية فهو مرتد ضال. من أنكر رؤية الله للمؤمنين كلهم له يوم القيامة وفي الجنة فهو ضال مرتد - نسأل الله العافية -.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فرؤية الكفار ربهم يوم القيامة اختلف الناس فيها على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الكفار لا يرون ربهم بحال لا المظهر للكفر ولا المسر له وهو قول أكثر العلماء المتأخرين، وعليه يدل عموم كلام المتقدمين هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ {المطففين:15}، وقوله تعالى: وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً {الإسراء:72}، وقوله تعالى: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}، وأن الرؤية من أعظم كرامات أهل الجنة وبشارة لهم فلو شاركهم الكفار في ذلك بطلت البشارة.
والمذهب الثاني: أنه يراه من أظهر التوحيد من مؤمني هذه الأمة ومنافقيها وغبرات من أهل الكتاب وذلك في عرصة القيامة ثم يحتجب عن المنافقين وهو قول أبي بكر بن خزيمة من أئمة السنة واحتجوا بحديث أبي هريرة في الصحيحين واللفظ لمسلم: أن الناس قالوا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل فإذا جاء ربنا عز وجل عرفناه، فيأتيهم في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيدعوهم فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوة الرسل يومئذ اللهم سلم سلم.
وفي رواية في الصحيحين من حديث أبي سعيد: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق ولا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد لله اتقاء أو رياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه.
المذهب الثالث: أن الكفار يرونه رؤية تعريف وتعذيب ثم يحتجب عنهم ليعظم عذابهم ويشتد عقابهم وهو قول أبي الحسن بن سالم وأبي سهل بن عبد الله التستري.
والراجح هو القول الأول وهو المأثور عن السلف المتقدمين، قال ابن تيمية في الفتاوى: روى ابن بطة بإسناده عن أشهب قال: قال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ فقال مالك: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعير الله الكفار بالحجاب، قال الله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ). وعن المزني قال: سمعت ابن أبي هرم يقول: قال الشافعي في كتاب الله (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته، وعن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد يقول: قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) فلا يكون حجاباً إلا لرؤية فأخبر الله أن من شاء ومن أراد فإنه يراه والكفار لا يرونه، ومثل هذا الكلام كثير عن غير واحد من السلف.
قال القاضي أبو يعلى وغيره: كانت الأمة في رؤية الله بالأبصار على قولين: منهم المحيل للرؤية وهم المعتزلة، والفريق الآخر أهل الحق والسلف من هذه الأمة متفقون على أن المؤمنين يرون الله في المعاد وأن الكافرين لا يرونه فثبت بهذا إجماع الأمة - ممن يقول بجواز الرؤية وممن ينكرها - على منع رؤية الكفار لله وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود. انتهى وبتصرف.
والله أعلم.
الشبكة الاسلامية
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
قول أهل السنة والجماعة، وهو إجماع الصحابة - رضي الله عنهم- وإجماع أهل السنة بعدهم أن الله – سبحانه- يُرى يوم القيامة ، يراه المؤمنون ويرونه في الجنة أيضاً، أجمع أهل العلم على هذا ، أجمع علماء الصحابة والمسلمون الذين هم أهل السنة والجماعة على هذا، وقد دل عليه القرآن العظيم ، والسنة المطهرة الصحيحة، يقول الله - عز وجل- : وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة. ناضرة يعني بهية جميلة، إلى ربها ناظرة تنظر إلى وجهه الكريم - سبحانه وتعالى-. وقال - عز وجل- : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة صح عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام- أنه قال : الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله. وقال الله: كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون. فإذا حجب الكفار علم أن المؤمنين غير محجوبين بل يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، وقد توارت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، يقول - صلى الله عليه وسلم- : (إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تمارون في رؤيته). وفي لفظ: (لا تضارون في رؤيته) . وفي اللفظ الآخر: (كما تطلع الشمس صحوا ليس دونها سحاب). فالكلام بين واضح ، بين عليه الصلاة والسلام أن المؤمنين يُرون ربهم رؤيةً ظاهرة جلية كما ترى الشمس صحوا ليس دونها سحاب ، وكما يُرى القمر ليلة البدر ليس هناك سحاب ، وهل بعد هذا البيان بيان؟ ما أوضح هذا البيان وما أبينه وما أكمله؟ وأخبر - صلى الله عليه وسلم- أنهم يرونه في الجنة أيضاً. فمن أنكر الرؤية فهو مرتد ضال. من أنكر رؤية الله للمؤمنين كلهم له يوم القيامة وفي الجنة فهو ضال مرتد - نسأل الله العافية -.