[size=48]التدليس[/size]
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
المُدَلِّس ينقسم قسمين:أحدهما:حافظ عدلربما أرسل حديثه، وربما أسنده، وربما حدث به على سبيل المذاكرة أو الفتيا أو المناظرة، فلم يذكر له سنداً، وربما اقتصر على ذكر بعض رواته دون بعض، فهذالا يضرسائر رواياته شيئاً، لأن هذا ليس جرحة ولا غفلة.
[size=32]لكنا[/size]
[size=32]نترك من حديثه· ما علمنا يقيناً أنه أرسله.
· وما علمنا أنه أسقط بعض من في إسناده.
ونأخذ من حديثه
· ما لم نوقن فيه شيئاً من ذلك.
وسواء قال: أخبرنا فلان، أو قال: عن فلان، أو قال: فلان عن فلان كل ذلك واجب قبوله، ما لم يتيقن أنه أورد حديثاً بعينه إيراداً غير مسند، فإن أيقنا ذلك تركنا ذلك الحديث وحده فقط وأخذنا سائر رواياته.
وقد روينا عن عبد الرزاق بن همام قال: كان معمر يرسل لنا أحاديث، فلما قدم عليه عبد الله بن المبارك أسندها له وهذا النوع منهم جُلَّة [وجُلُّ الشيءِ،وجُلالُه، بضمهما: مُعظَمُهُ :القاموس المحيط]أصحاب الحديث وأئمة المسلمين كالحسن البصري، وأبي إسحاق السبيعي، وقتادة بن دعامة، وعمرو بن دينار، وسليمان الأعمش، وأبي الزبير، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة.
وقسم آخر:قد صح عنهم إسقاط من لا خير فيه من أسانيدهم عمداً ونصراً لما يريد تأييده من الأقوالفهذا رجل مجرح، وهذا فسق ظاهر واجب اطراح جميع حديثه، صح أنه دلس فيه أو لم يصح أنه دلس فيه، وسواء قال سمعت أو أخبرنا أو لم يقل، كل ذلك مردود غير مقبول لأنه ساقط العدالة، غاش لأهل الإسلام ،ومن هذا النوع كان الحسين بن عمارة وشريك بن عبد الله القاضي، وغيرهما.
والتدليس الذي ذكرنا أنه يسقط العدالةهوإحدى الكبائر ، لقول رسول اللهصلى الله عليه و سلم : » مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا« [صحيح مسلم:كتاب الإيمان] ولا غش في الإسلام أكبر من إسقاط الضعفاء من سند حديث ليوقع الناس في العمل به وهو غير صحيح، ولقولهصلى الله عليه و سلم:» الدِّينُ النَّصِيحَةُ«[صحيح مسلم:كتاب الإيمان] وواجب ذلك لله تعالى ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، ومن دلَّس التدليس الذي ذممنا، فلم ينصح لله تعالى ولا لرسوله في تبليغه عنهما ، ولا نصح للمسلمين في التلبيس عليهم حتى يوقعهم فيما لا يجوز العمل به. [/size]