كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال: سيروا هذا جمدان سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات. والحديث صحيح
ومعنى سبق المفردون أي أنهم سبقوا غيرهم بنيل الزلفى والدرجات بسبب كثرة ذكرهم لله تعالى، والمفردون هم الذاكرون الله كثيرا؛ كما هو ظاهر الحديث.
عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أنَّ رجلاً قَالَ : يَا رسولَ الله ، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ : (لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطباً مِنْ ذِكْرِ الله)) .رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
ثم ليعلم كل مسلم صادق، أن المؤثر النافع، هو الذكر باللسان على الدوام مع حضور القلب؛ لأن اللسان ترجمان القلب، والقلب خزانة مستحفظة الخواطر والأسرار، ومن شأن الصدر أن ينشرح بما فيه من ذكره، ويلذَّ إلقاءه على اللسان، ولا يكتفي بمخاطبة نفسه به في خلواته حتى يفضي به بلسانه، متأولًا قول الله -عزَّ وجل-: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}[سورة الأعراف:205].
فأما الذكر باللسان، والقلب لاه، فهو قليل الجدوى، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (اعلموا أن الله لا يقبل الدعاء من قلب لاه ) رواه الحاكم والترمذي وحسنه.
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد].
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي قال:{ مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت.
وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41]، وقال تعا لى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35]، أي: كثيراً. ففيه الأ مر با لذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين.
الذكر نوعان:
أحدهما: ذكر أسماء الرب تبارك وتعالى وصفاته، والثناء عليه بهما، وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق به تبارك وتعالى، وهذا
النوع الثاني من الذكر: ذكر أمره ونهيه وأحكامه: وهو نوعان:
أحدهما: ذكره بذلك إخباراً عنه بأنه أمر بكذا، ونهيه عن كذا.
الثاني: ذكره عند أمره فيبادر إليه، وعند نهيه فيهرب منه، فإذا اجتمعت هذه الأنواع للذاكر فذكره أفضل الذكر وأجله وأعظمه فائدة.
فهذا الذكر من الفقه الأكبر، وما دونه أفضل الذكر إذا صحت فيه النية.
من فؤائد ذكر الله :
- استجابة الدعاء للذاكر
- الصيانة بحفظ الله والتكفل به من العين والحسد ..
- ابتعاد عن صفات المنافقين فهم لايذكرون الله كثيراَ..
- تحسين الذكر وتعويد اللسان على الخير ..
- ألا بذكر الله تطمئن القلوب ..
- حفظ الله للذاكر ..احفظ الله يحفظك ـ ..