بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مراسيل اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم مقبولة عند الجمهور
وشذ قوم فقالوا لا يقبل مرسل الصحابي إلا إذا عرف بصريح خبره أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي وإلا فلا لأنه قد يروي عمن لم تثبت لنا صحبته
وهذا ليس بصحيح فإن الأمة اتفقت على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من اصاغر الصحابة مع إكثارهم وأكثر روايتهم عن النبي صلى الله عليه و سلم
مراسيل قال البراء بن عازب ما كل ما حدثنا به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعناه منه غير أننا لا نكذب وكثير منهم كان يرسل الحديث فإذا استكشف قال حدثني به فلان كأبي هريرة وابن عباس وغيرهما
والظاهر أنهم لا يروون إلا عن صحابي والصحابة معلومة عدالتهم فإن رووا عن غير صحابي فلا يروون إلا عمن علموا عدالته والرواية من غير عدل وهم بعيد لا يلتفت إليه ولا يعول عليه
مراسيل غير الصحابة
فصل
فأما مراسيل غير الصحابة وهو أن يقول قال النبي صلى الله عليه و سلم من لم يعاصره أو يقول قال أبو هريرة من لم يدركه ففيها روايتان إحداهما تقبل اختارها القاضي وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجماعة من المتكلمين والأخرى لا تقبل وهو قول الشافعي وبعض اهل الحديث وأهل الظاهر ولهم دليلان
أحدهما أنه لو ذكر شيخه ولم يعدله وبقي مجهولا عندنا لم نقبله فإذا لم يسمه فالجهل أتم إذ من لا يعرف عينه كيف نعرف عدالته
الثاني أن شهادة الفرع لا تقبل ما لم يعين شاهد الأصل فكذاالرواية وافتراق الشهادة والرواية في بعض التعبدات لا يوجب فرقا في هذا المعنى كما لا يوجب فرقا في قبول رواية المجروح المجهول
ووجه الرواية الأولى أن الظاهر من العدل الثقة أنه لا يستجيز أن يخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم بقول ويجزم به إلا بعد أن يعلم ثقة ناقله وعدالته ولا يحل له إلزام الناس عبادة أو تحليل حرام أو تحريم مباح بأمر مشكوك فيه فيظهر أن عدالته مستقرة عنده فهو بمنزلة قوله أخبرني فلان وهو ثقة عدل ولو شك في الحديث ذكر من حدثه لتكون العهدة عليه دونه ولهذا قال إبراهيم النخعي إذا رويت عن عبدالله وأسندت فقد حدثني واحد وإذا أرسلت فقد حدثني جماعة عنه
وأما المجهول فإن الرواية عنه ليست بتعديل له في إحدى الروايتين وفي الأخرى تكون تعديلا على ما مضى ولا كذلك ههنا
والرواية تفارق الشهادة في أمور كثيرة منها اللفظ والمجلس والعدد والذكورية والحرية عندهم والعجز عن شهود الأصل وأنه لايجوز لشهود الفرع الشهادة حتى تحملهم إياها شهود الأصل فيقولوا اشهدوا على شهادتنا والرواية تخالف هذا فجاز اختلافهما في هذا الحكم
قبول خبر الواحد فيما تعم به البلوى
فصل
ويقبل خبر الواحد فيما تعم به البلوى كرفع اليدين في الصلاة ومس الذكر ونحوه في قول الجمهور وقال أكثر الحنفية لا يقبل لأن ما تعم به
به البلوى كخروج النجاسة من السبيلين يوجد كثيرا وتنتقض به الطهارة ولا يحل للنبي صلى الله عليه و سلم أن لا يشيع حكمه إذ يؤدي إلى إخفاء الشريعة وإبطال صلاة الخلق فتجب الإشاعة فيه ثم تتوفر الدواعي على نقله فكيف يخفى حكمه وتقف روايته على الواحد ولنا أن الصحابة قبلوا خبر عائشة في الغسل من الجماع بدون الإنزال وخبر رافع بن خديج في المخابرة ولأن الراوي عدل جازم بالرواية وصدقه ممكن فلا يجوز تكذيبه مع إمكان تصديقه ولأن ما تعم به البلوى يثبت بالقياس والقياس مستنبط من الخبر وفرع له فلأن يثبت بالخبر الذي هو أصل أولى وما ذكروه يبطل بالوتر والقهقهة وخروج النجاسة من غير السبيل وتثنية الإقامة فإنه مما تعم به البلوى وقد أثبتوه بخبر الواحد ولم يكلف الله تعالى رسوله صلى الله عليه و سلم إشاعة جميع الأحكام بل كلفه إشاعة البعض ورد الخلق في البعض إلى خبر الواحد كما ردهم إلى القياس في قاعدة الربا وكان يسهل عليه أن يقول لا تبيعوا المكيل بالمكيل والمطعوم بالمطعوم حتى يستغنى عن الاستنباط من الأشياء الستة فيجوز أن يكون ما تعم به البلوى من جملة ما يقتضي مصلحة الخلق أن يرد فيه إلى خبر الواحد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مراسيل اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم مقبولة عند الجمهور
وشذ قوم فقالوا لا يقبل مرسل الصحابي إلا إذا عرف بصريح خبره أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي وإلا فلا لأنه قد يروي عمن لم تثبت لنا صحبته
وهذا ليس بصحيح فإن الأمة اتفقت على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من اصاغر الصحابة مع إكثارهم وأكثر روايتهم عن النبي صلى الله عليه و سلم
مراسيل قال البراء بن عازب ما كل ما حدثنا به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعناه منه غير أننا لا نكذب وكثير منهم كان يرسل الحديث فإذا استكشف قال حدثني به فلان كأبي هريرة وابن عباس وغيرهما
والظاهر أنهم لا يروون إلا عن صحابي والصحابة معلومة عدالتهم فإن رووا عن غير صحابي فلا يروون إلا عمن علموا عدالته والرواية من غير عدل وهم بعيد لا يلتفت إليه ولا يعول عليه
مراسيل غير الصحابة
فصل
فأما مراسيل غير الصحابة وهو أن يقول قال النبي صلى الله عليه و سلم من لم يعاصره أو يقول قال أبو هريرة من لم يدركه ففيها روايتان إحداهما تقبل اختارها القاضي وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجماعة من المتكلمين والأخرى لا تقبل وهو قول الشافعي وبعض اهل الحديث وأهل الظاهر ولهم دليلان
أحدهما أنه لو ذكر شيخه ولم يعدله وبقي مجهولا عندنا لم نقبله فإذا لم يسمه فالجهل أتم إذ من لا يعرف عينه كيف نعرف عدالته
الثاني أن شهادة الفرع لا تقبل ما لم يعين شاهد الأصل فكذاالرواية وافتراق الشهادة والرواية في بعض التعبدات لا يوجب فرقا في هذا المعنى كما لا يوجب فرقا في قبول رواية المجروح المجهول
ووجه الرواية الأولى أن الظاهر من العدل الثقة أنه لا يستجيز أن يخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم بقول ويجزم به إلا بعد أن يعلم ثقة ناقله وعدالته ولا يحل له إلزام الناس عبادة أو تحليل حرام أو تحريم مباح بأمر مشكوك فيه فيظهر أن عدالته مستقرة عنده فهو بمنزلة قوله أخبرني فلان وهو ثقة عدل ولو شك في الحديث ذكر من حدثه لتكون العهدة عليه دونه ولهذا قال إبراهيم النخعي إذا رويت عن عبدالله وأسندت فقد حدثني واحد وإذا أرسلت فقد حدثني جماعة عنه
وأما المجهول فإن الرواية عنه ليست بتعديل له في إحدى الروايتين وفي الأخرى تكون تعديلا على ما مضى ولا كذلك ههنا
والرواية تفارق الشهادة في أمور كثيرة منها اللفظ والمجلس والعدد والذكورية والحرية عندهم والعجز عن شهود الأصل وأنه لايجوز لشهود الفرع الشهادة حتى تحملهم إياها شهود الأصل فيقولوا اشهدوا على شهادتنا والرواية تخالف هذا فجاز اختلافهما في هذا الحكم
قبول خبر الواحد فيما تعم به البلوى
فصل
ويقبل خبر الواحد فيما تعم به البلوى كرفع اليدين في الصلاة ومس الذكر ونحوه في قول الجمهور وقال أكثر الحنفية لا يقبل لأن ما تعم به
به البلوى كخروج النجاسة من السبيلين يوجد كثيرا وتنتقض به الطهارة ولا يحل للنبي صلى الله عليه و سلم أن لا يشيع حكمه إذ يؤدي إلى إخفاء الشريعة وإبطال صلاة الخلق فتجب الإشاعة فيه ثم تتوفر الدواعي على نقله فكيف يخفى حكمه وتقف روايته على الواحد ولنا أن الصحابة قبلوا خبر عائشة في الغسل من الجماع بدون الإنزال وخبر رافع بن خديج في المخابرة ولأن الراوي عدل جازم بالرواية وصدقه ممكن فلا يجوز تكذيبه مع إمكان تصديقه ولأن ما تعم به البلوى يثبت بالقياس والقياس مستنبط من الخبر وفرع له فلأن يثبت بالخبر الذي هو أصل أولى وما ذكروه يبطل بالوتر والقهقهة وخروج النجاسة من غير السبيل وتثنية الإقامة فإنه مما تعم به البلوى وقد أثبتوه بخبر الواحد ولم يكلف الله تعالى رسوله صلى الله عليه و سلم إشاعة جميع الأحكام بل كلفه إشاعة البعض ورد الخلق في البعض إلى خبر الواحد كما ردهم إلى القياس في قاعدة الربا وكان يسهل عليه أن يقول لا تبيعوا المكيل بالمكيل والمطعوم بالمطعوم حتى يستغنى عن الاستنباط من الأشياء الستة فيجوز أن يكون ما تعم به البلوى من جملة ما يقتضي مصلحة الخلق أن يرد فيه إلى خبر الواحد