عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال :


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


(( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ))



رواه البخاري .


المفردات :


أدرك الناس : توارثوه قرنا بعد قرن ، والناس بالرفع والعائد على ما محذوف ،ويجوز النصب على أن العائد ضمير الفاعل .


من كلام النبوة الأولى : التي قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . والمراد أنه مما اتفقت عليه الشرائع ، لأنه جاء في أولاها ، ثم تتابعت بقيتها عليه .


إذا لم تستح : من الحياء ، وهو خلق يحث على فعل الجميل ، وترك القبيح ،


ويمنع من التفريط في الحق ، أما ما ينشأ عنه الإخلال بالحق فليس هو حياء شرعيا ، بل هو خور وضعف .


فاصنع ما شئت : في هذا الأمر ثلاثة أقوال : أحدها _


أنها بمعنى الخبر كأنه يقول : إذا لم يمنعك الحياء فعلت ما شئت ، أي ما تدعوك إليه نفسك من القبيح .


الثاني _


أنه للوعيد ، كقوله تعالى :(( اعملوا ما شئتم ))


والثالث


أنه للإباحة ، أي انظر على الفعل الذي تريد أن تفعله ، فإن كان مما لا يستحى منه فافعله ، و إلا فلا.


يستفاد من الحديث:


1


-شرف الحياء ، فإنه ما من نبي إلا وقد حث عليه ، ولم نسخ فيما نسخ من شرائع الأنبياء ، ولم يبدل فيما بدل منها ، وذلك لأنه أمر قد على صوابه وبان فضله ، واتفقت العقول على حسنه _ وما كان كذلك لا ينسخ .


2


-أن الحياء هو الذي يكف الإنسان ويردعه عن مواقعة السوء ، فإذا رفضه وخلع ربقته كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة ، تعاطي كل سيئة .